القصائدُ الشعريةُ و الغزلُ الشعبيُ في الأدبِ الإيراني

القصائدُ الشعريةُ و الغزلُ الشعبيُ في الأدبِ الإيراني

إن الأدبَ الإيرانيَ ممتزجٌ معَ القصائدِ الرائعةِ بعدةِ أساليبٍ متنوعةٍ. كانَ الشعراءُ الإيرانيون من أعظمِ المبدعينَ الأدبيينَ في العالم. بدءً من سعدي و حافظ إلى عطار و الخيام، لقد بثً كل من الرومي و باباطاهر روحاً جديدةً في جسدِ الشعرِ الإيراني بأسلوبٍ فريدٍ من نوعهِ.

و كانت نتيجةُ الجهودِ الحثيثةِ التي بذلها هؤلاءِ العظماءُ ولادةُ أنماطٍ متنوعةٍ في قصائدِ أهلِ فارس. حيثُ يعدُ الغزلُ واحداً من أجملِ أنماطِ الشعرِ و أكثرها رومنسيةً. إذا كنت مهتماً بشعرِ الغزل، فإننا نقترحُ عليكَ قراءةَ مجموعةِ قصائدِ الشعرِ و الغزلِ الشعبيةِ “دشت مينا” التي تم تأليفُها من قبل حيدر علي جمشيدي و تجربة أسلوبِ الغزلِ الشعبيِ الذي يحظى بالعديد من المعجبين بين المهتمين بالثقافة الشعبية.

ما هو الغزل؟

إذا كنتَ راغباً في التعرفِ أكثر على شعرِ الغزل، من الأفضلِ أن تفتحَ ديوانَ حافظ حول الغزلِ الكلاسيكي، و تبقى في دهشةٍ من عمقها و عبقريتها. لكن من الصعبِ جداً الحديث عن حافظ و غزل حافظ، حيث أنه ليسَ موضوع هذا المقال. إلى جانبِ جميعِ عظماءِ الغزلِ الفارسيِ و الأنماطِ الفريدةِ للغزل، هناك أيضاً نمطٌ من الغزلِ يسمى الغزلُ الشعبيُ او العامي، و الذي يعتبر فرعاً للثقافةِ و الأدبِ الشعبي.

يمكننا أن نعطيَ مثالاً لمجموعةٍ فريدةٍ من نوعها، و هي مجموعةُ الأشعارِ و قصائدِ الغزلِ الشعبيةِ “دشت مينا” و هي واحدةٌ من أكثرِ الأعمالِ الشعريةِ تميزاً في أسلوبِ قصائدِ الغزلِ الشعبيةِ من ناحيةِ عددِ القصائدِ الغزليةِ و تنوعِ مواضيعِ الغزل. و لكن بشكلٍ عام، من الأفضلِ أن تعرفَ أن الغزلَ بالتعريف هو قطعةٌ شعريةٌ قصيرة، مكونةٌ من أربعةٍ إلى إثني عشرَ بيتاً. الموضوعُ الرئيسيُ للغزلِ في الأدبِ الفارسيِ هو التعبيرُ عن العواطفِ و الأحاسيس، و بيان جمال الحبيبة عبر وصفها و تمجيدها. تتميزُ قصائدُ الغزلِ لدى الشعراءِ الفارسيين بالاستقلالِ و القوةِ. عادةً ما يظهرُ اسم منشئ الغزل في البيتين الأخيرين من القصيدة. أطلق أهلُ بلادِ فارس على أجملِ بيت شعرٍ في القصيدةِ اسمَ ” البيت الملك”.

بحثٌ موجزٌ عن تطورِ الغزلِ في الأدبِ الفارسي:

إذا كنتُ أرغبُ بإجراءِ بحثٍ مختصرٍ قدرَ الإمكانِ حولَ مسيرةِ تطورِ الغزلِ في الأدبِ الفارسي. يمكنُ القولُ أنَ أنوري قد بعثَ الروحَ في الغزلِ الرومانسي. بينما أضافَ سعديٌ الكمالَ على مظهرِ هذا الغزل. خالقُ الغزلِ العرفانيِ بلا منازعٍ، هو سنايي غزنوي. بينما نضجَ الطفلُ الصغيرُ للغزلِ العرفانيِ في أحضانِ عظماءَ مثلُ عطار نيشابوري، مولوي بلخي، فخر الدين العراقي. يمكنُ العثورُ على ذروةِ الغزلِ العرفانيِ في قصائدِ مولانا جلال الدين بلخي. كما أن السيد حافظ هو أفضلُ شاعرِ غزلٍ بينَ جميعِ شعراءِ الغزل. و في خضمِ ذلكَ لا يمكننا أن نغفلَ عنِ الأشعارِ الشعبيةِ العموميةِ و التي تمت روايتُها من القلبِ إلى القلب. الشعرُ الشعبيُ هو نفسهُ الثقافةُ الشفهيةُ أو الأدبُ الشعبيُ للأشخاصِ الذينَ وضعوا مشاعرَهم و تجاربَهم و مبادئَهم الأخلاقيةِ في جسمِ الشِعر، لتكونَ حلوةً كمذاقِ العسلِ و لطيفةً كصوتِ زغردةِ الطيورِ و تبقى في الذاكرة. بمعنى آخر، إن الشعرَ الشعبيَ هو الثقافاتُ الفرعيةُ و المعتقداتُ و الأشواقُ و أمنياتُ الجماهيرِ و التي أعيد إحياؤها بينَ العديدِ من اللغات.

إن الشيءَ الذي يجعلُ الشعرَ الشعبيَ ممتعاً هو قربُ هذا الشعرُ من ثقافةِ الناسِ من حولِنا. إن التواصلَ مع هذه الأشعارِ سهلٌ، و يتم فهمُ محتواها بسهولةٍ حتى من قبلِ عامةِ الناس.

التعرفُ على الغزلِ الشعبيِ بشكلٍ كاملٍ:

و في هذا السياقِ فقد اختبر الغزلُ اسلوباً جديداً و شاعَ بينَ الناسِ تحتَ مسمى الغزلِ الشعبي. قصائدُ الغزلِ الشعبيةِ هي نتيجةُ الحبِ الصادقِ و العميق. لغتهُ سلسةٌ و ممتعةٌ و نظيفةٌ. في هذا النوعِ من الغزلِ لا يضيعُ المضمونُ من خلالِ الكلماتِ الثقيلة. هذا هو الغزلُ الصريح. هذا النوعُ من الغزلِ يعبرُ عن معناه بشكلٍ جريء. إن الغزلَ الشعبيَ ليس إدراكياً. إنهُ يسعى لإثارةِ الجدل. و هو أقلُ ما يلفتُ الانتباهَ في الغزلِ التقليدي. أحياناً يكونُ مضحكاً و يجعلكَ تضحكُ و أحياناً يكونُ مراً و يجعلكَ تبكي. أحياناً يجعلكَ تفكرُ، و أحياناً يجعلكَ تتذكرُ، و أحياناً ينظرُ إلى الأشياءِ من منظورٍ جديد.

في هذا السياقِ تتألقُ قصائدُ الغزلِ الشعبيِ لحيدر علي جمشيدي كالجوهرة. إن جمشيدي يتغزلُ بجرأةٍ، يقولُ ما يجبُ أن يكون. ألحانُ شعرهِ حميميةٌ و عميقةٌ و لكنَ موضوعَ قصائدهِ يكونُ جدياً. إنَ تناقضَ قصائدِ غزلِ جمشيدي هو تصويرُ أكثرِ القضايا جديةً بتعبيرٍ وديٍ مألوف. تتجلى في قصائدِ الغزلِ الشعبيِ التي ينظمها مواضيعٌ هامةٌ مثلُ الأمِ و الجنةِ، الصلاةِ و المعلم. و في هذا السياقِ يمكنُ رؤيةُ جمالِ تعبيرِ: الجنةُ تحتَ أقدام الأمهات، كما يمكنُ رؤيةُ مجموعةٍ من قصائدِ الشعرِ و الغزلِ الشعبي ” دشت مينا”.

الجنةُ أبداً تحتَ أقدامِ الأمهاتِ

لأن مفتاحَ الجنةِ هو دعاءُ الأمِ

ما يصرخُ في قصائدِ غزلِ جمشيدي، هو التلميحاتُ الذكيةُ إلى الأمثالِ و التعبيراتِ الشعبيةِ و التقليديةِ للناس.

ضاعَ يوسفٌ، دعني أعطيك قيمته

سمع قلبي روحهُ، و نهايةُ ذلك صوتك

لاحظ مدى دقة الإشارة إلى  قصيدة ( ضاع يوسفٌ، لا تحزن سيرجعُ إلى كنعان…. و سيصبحُ كوخُ البكاءِ و الأحزانِ جنةً سعيدةً ).

إن مهمةَ جمشيدي في القصيدةِ الغزليةِ واضحةٌ. لقد تفهمَ هذا الأسلوبَ الشعريَ، و أشعارهُ تتغلغلُ في الروحِ في الكثيرِ من أعمالهِ مثل مجموعةُ قصائدهِ الشعريةِ و قصائدهِ الغزليةِ ” دشت مينا”.

با دیگران به اشتراک بگذارید

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *